كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: فيما ناجى موسى ربه فيما وهب الله لمحمد وأمته حيث قرأ التوراة وأصاب فيها نعت النبي وأمته قال: يا رب من هذا النبي الذي جعلته وأمته أولًا وآخرًا؟ قال: هذا محمد النبي الأمي العربي الحرمي التهامي من ولد قاذر بن اسمعيل، جعلته أوّلًا في المحشر، وجعلته آخرًا ختمت به الرسل، يا موسى ختمت بشريعته الشرائع، وبكتابه الكتب، وبسنته السنن، وبدينه الأديان.
قال: يا رب إنك اصطفيتني وكلمتني؟ قال: يا موسى إنك صفيّ وهو حبيبي أبعثه يوم القيامة على كوم أجعل حوضه أعرض الحياض وأكثرهم واردًا وأكثرهم تبعًا قال: رب لقد كرمته وشرفته. قال: يا موسى حق لي أن أكرمه وأفضله وأفضل أمته، لأنهم يؤمنون بي وبرسلي كلهم وكلمتي كلها وبغيبي كله ما كان فيهم شاهدًا يعني النبي صلى لله عليه وسلم ومن بعد موته إلى يوم القيامة. قال: يا رب هذا نعتهم؟ قال: نعم. قال: يا رب وهبت لهم الجمعة أو لأمتي؟ قال: بل لهم الجمعة دون أمتك. قال: يا رب إني نظرت في التوراة إلى نعت قوم غير محجلين فمن هم، أمن بني إسرائيل هم أمن من غيرهم؟ قال: تلك أمة أحمد الغر المحجلون من آثار الوضوء. قال: يا رب إني وجدت في التوراة قومًا يمرون على الصراط كالبرق والريح فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة قومًا يصلون الصلوات الخمس فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة قومًا يتزرون إلى أنصافهم فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت قومًا يراعون الشمس مناديهم في جوّ السماء فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني وجدت في التوراة قومًا الحسنة منهم بعشرة والسيئة بواحدة فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم شاهرين سيوفهم لا ترد لهم حاجة؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة قومًا إذا أرادوا أمرًا استخاروك ثم ركبوه فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني أجد في التوراة نعت قوم يشفع محسنهم في مسيئهم فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يحجون البيت الحرام لا ينأون عنه أبدًا لا يقضون منه وطرًا ابدًا فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.
قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم قربانهم دماؤهم فمن هم؟ قال تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يقاتلون في سبيلك صفوفًا زحوفًا يفرغ عليهم الصبر افراغًا فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يذنب أحدهم الذنب فيتوضأ فيغفر له، ويصلي فتجعل الصلاة له نافلة بلا ذنب فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.
قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يشهدون لرسلك بما بلغوا فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يجعلون الصدقة في بطونهم فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم العنائم لهم حلال وهي محرمة على الأمم فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم جعلت الأرض لهم طهورًا ومسجدًا فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت نعت قوم الرجل منهم خير من ثلاثين ممن كان قبلهم فمن هم؟ تلك أمة أحمد يا موسى الرجل من الأمم السالفة أعبد من الرجل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بثلاثين ضعفًا، وهم خير منه بثلاثين ضعفًا بايمانه بالكتب كلها.
قال: يا رب إني وجدت نعت قوم يأوون إلى ذكرك ويتحابون عليه كما تأوي النسور إلى وكورها فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت إذا غضبوا هللوك وإذا تنازعوا سبحوك فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يغضبون لك كما يغضب النمر الحرب لنفسه فمن هم؟ قال: تلك أحمد. قال يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تفتح أبواب السماء لأعمالهم وأرواحهم وتباشر بهم الملائكة فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تتباشر بهم الأشجار والجبال بممرهم عليها لتسبيحهم لك وتقديسهم لك فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم وهبت لهم الاسترجاع عند المصيبة، ووهب لهم عند المصيبة الصلاة والرحمة والهدى فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تصلي عليهم أنت وملائكتك فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يدخل محسنهم الجنة بغير حساب، ومقتصدهم يحاسب حسابًا يسيرًا، وظالمهم يغفر له فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب فاجعلني منهم. قال: يا موسى أنت منهم وهم منك لأنك على ديني وهم على ديني، ولكن قد فضلتك برسالاتي وبكلامي فكن من الشاكرين.
قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يبعثون يوم القيامة قد ملأت صفوفهم ما بين المشرق والمغرب صفوفًا يهوّن عليهم الموقف لا يدرك فضلهم أحد من الأمم فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تقبضهم على فرشهم وهم شهداء عندك فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم لا يخافون فيك لومة لائم فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.
قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم أذلة على المؤمنين أعزة على الكفارين فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم صديقهم أفضل الصديقين فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب لقد كرمته وفضلتهُ. قال: يا موسى هو كذلك نبي وصفي وحبيبي وأمته خير أمة.
قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم محرمة على الأمم الجنة إن يدخلوها حتى يدخلها نبيهم وأمته فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب لبني إسرائيل ما بالهم؟ قال: يا موسى إن قومك من بني إسرائيل يبدلون دينك من بعدك، ويغيرون كتابك الذي أنزلت عليك، وأن أمة محمد لا يغيرون سنته ولا يبطلون الكتاب الذي أنزلت عليه إلى أن تقوم الساعة، فلذلك بلغتهم سنام كرامتي، وفضلتهم على الأمم، وجعلت نبيهم أفضل الأنبياء. أولهم في الحشر، وأوّلهم في انشقاق الأرض، وأولهم شافعًا، وأوّلهم مشفعًا.
قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم حلماء علماء كادوا أن يبلغوا بفقههم حتى يكونوا أنبياء فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا موسى أعطوا العلم الأول والآخر. قال: يا رب إني وجدت في التوراة قومًا توضع المائدة بين أيديهم فما يرفعونها حتى يغفر لهم فمن هم؟ قال: أولئك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يلبس أحدهم الثوب فما ينفضه حتى يغفر لهم فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم إذا استووا على ظهور دوابهم حمدوك فيغفر لهم فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد، أوليائي يا موسى الذي انتقم بهم من عبدة النيران والأوثان.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن موسى لما نزلت عليه التوراة وقرأها فوجد فيها ذكر هذه الأمة قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون فاجعلها أمتي. قال تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم فاجعلها أمتي. قال تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرأونه ظاهرًا فاجعلها أمتي. قال تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة يأكلون الفيء فاجعلها أمتي. قال تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة يجعلون الصدقة في بطونهم يؤجرون عليها فاجعلها أمتي. قال تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة إذًا هم أحدهم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، وإن عملها كتبت له عشر حسنات فاجعلها أمتي. قال تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة يؤتون العلم الأول والعلم الآخر، فيقتلون قرون الضلالة والمسيح الدجال فاجعلها أمتي. قال تلك أمة أحمد. قال: يا رب فاجعلني من أمة أحمد، فاعطي عند ذلك خصلتين {فقال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين} قال: قد رضيت يا رب».
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن عبد الرحمن المغافري أن كعب الأحبار رأى حبر اليهود يبكي فقال له: ما يبكيك؟ قال: ذكرت بعض الأمور فقال له كعب: أنشدك بالله لئن أخبرتك ما أبكاك لتصدقني؟ قال: نعم. قال: أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة، فقال: رب إني أجد أمة في التوراة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر، ويقاتلون أهل الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الدجال، فقال: موسى رب أجعلهم أمتي. قال: هم أمة أحمد؟ قال الحبر: نعم. قال كعب: فأنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة، فقال: رب إني أجد أمة هم الحمادون رعاة الشمس المحكمون، إذا أرادوا أمرًا قال افعله إن شاء الله فاجعلهم أمتي. قال: هم أمة أحمد؟ قال الحبر: نعم. قال كعب: فأنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة، فقال: يا رب إني أجد أمة إذا أشرف أحدهم على شرف كبر الله، وإذا هبط واديًا حمد الله، الصعيد لهم طهور، والأرض لهم مسجدًا حيثما كانوا يتطهرون من الجنابة، طهورهم بالصعيد كطهورهم بالماء حيث لا يجدون الماء، غر محجلون من آثار الوضوء فاجعلهم أمتي. قال: هم أمة أحمد؟ قال الحبر نعم.
قال كعب: انشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة، فقال: رب إني أجد أمة مرحومة ضعفاء يرثون الكتاب، واصطفيتهم {فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات} [فاطر: 32] ولا أجد أحدًا منه إلا مرحومًا فاجعلهم أمتي. قال: هم أمة أحمد؟ قال الحبر: نعم. قال كعب: أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة، فقال: رب إني أجد في التوراة أمة مصاحفهم في صدورهم يلبسون الوان ثياب أهل الجنة، يصفّون في صلاتهم كصفوف الملائكة أصواتهم في مساجدهم كدوي النحل، لا يدخل النار منهم أحد إلا من بري من الحسنات مثل ما بري الحجر من ورق الشجر فاجعلهم أمتي. قال هم أمة أحمد؟ قال الحبر: نعم. فلما عجب موسى من الخير الذي أعطاه الله محمدًا وأمته قال: يا ليتني من أمة أحمد، فأوحى الله إليه ثلاث آيات يرضيه بهن {يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي} [الأعراف: 144] الآية فرضي موسى كل الرضا.
وأخرج أبو نعيم عن سعيد بن أبي هلال أن عبد الله بن عمرو قال لكعب: أخبرني عن صفة محمد صلى الله عليه وسلم وأمته؟ قال: أجدهم في كتاب الله: أن أحمد وأمته حمَّادون يحمدون الله على كل خير وشر، يكبرون الله على كل شرف يسبحون الله في كل منزل، نداؤهم في جو السماء، لهم دوي في صلاتهم كدوي النحل على الصخر، يصفون في الصلاة كصفوف الملائكة، وصفَّون في القتال كصفوفهم في الصلاة، وإذا غزوا في سبيل الله كانت الملائكة بين أيديهم ومن خلفهم برماح شداد، إذا حضروا الصفّ في سبيل الله كان الله عليهم مظلًا كما تظل النسور على وكورها، لا يتأخرون زحفًا أبدًا حتى يحضرهم جبريل عليه السلام.
وأخرج الطبراني والبيهقي في الدلائل عن محمد بن يزيد الثقفي قال: اصطحب قيس بن خرشة وكعب الأحبار، حتى إذا بلغا صفين وقف كعب ثم نظر ساعة، ثم قال: ليهراقن بهذه البقعة من دماء المسلمين شيء لا يهراق ببقعة من الأرض مثله؟ فقال قيس: ما يدريك فإن هذا من الغيب الذي استأثر الله به؟! فقال كعب: ما من الأرض شبر إلا مكتوب في التوراة الذي أنزل الله على موسى ما يكون عليه وما يخرج منه إلى يوم القيامة.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن خالد الربعي قال: قرأت في كتاب الله المنزل أن عثمان بن عفان رافع يديه إلى الله يقول: يا رب قتلني عبادك المؤمنون.
وأخرج أحمد في الزهد عن خالد الربعي قال: قرأت في التوراة إتق الله يا ابن آدم، وإذا شبعت فاذكر الجائع.
وأخرج أحمد عن قتادة قال: بلغنا أنه مكتوب في التوراة ابن آدم ارحم ترحم إنه من لا يَرحم لا يُرحم، كيف ترجو أن ارحمك وأنت لا ترحم عبادي؟